كنت رئيسا لمصر - مذكرات محمد نجيب

غلاف: كنت رئيسا لمصر - مذكرات محمد نجيب

وفي هذه الحياة الزاخرة التي أحياها جاني بعض الأصدقاء ورجوت بهم.. وتساهلت عن سر زيارتهم في مكاتبهم بأن يطلبوني بمذكرات كاملة أودعها صفحات التاريخ.. وقد حاولت الاعتذار في أول الأمر بأني قلت كلمتي من قبل.. ولكنهم لم يقبلوا الاعتذار قائلين إن الكثير من الأوراق والوثائق والذكريات لا تزال حبيسة في حوزتك.. وهي ليست ملكاً خاصاً لك وحدك.. ولكنها ملك الأجيال الجديدة وملك التاريخ.

وتركَني الأصدقاء لأفكر في الأمر وحدي.. إنني في أيام المأساة هذه لا أريد أن أجرح أحداً.. ولا أريد أن أعبث بسكين في جرح قد التأم.

وقلبت في أوراقي الخاصة.. وذاكرتي.. وقرأت ما نشرته من قبل.. وما نشر عني.. وأحسست فعلاً أن عندهم حقاً.. فهناك وقائع لم أجد من المناسب ذكرها، وهناك تفاصيل أجملتها.. وهناك أسماء لم أنشرها..

وأدركت أنه قد بقى علي واجب لابد من أدائه قبل الرحيل.. أن أكشف ما سترته.. وأبرح ما وريت، وأكمل الصور التي أشرت إلى وجودها..

وبدأت رحلتي الشاقة في التفتيش عن الأوراق والذكريات.. وعن مواجهة الأخطاء التي وقعت فيها.. والعيوب التي لم أخلص منها..

لم أكن أتصور أن أعيش وأكتب هذه المقدمة.

ولم أكن أتصور أن أعيش في عمري إلى هذه اللحظة.. لحظة قراءة هذا الكتاب قبل أن تبتلعه مكائن الطباعة..

ويكفيني الآن أن أقول وأنا مستريح البال والخاطر.. والضمير.. فقد قلت كل ما عندي.. ولم أكتم شهادة.. ولم أترك صغيرة ولا كبيرة إلا كشفتها..

إن هذا الكتاب سيعيش أطول مما عشت.. وسيقول أكثر مما قلت.. وسيبرئ عن جيلنا بعد جيل أكثر من جيلنا الذي أثرت وأنا على قيد الحياة.

ولا بين سوى أن تؤكد صفحات الكتاب صدق ما أقول.. أسأل الله أن يتجاوز عما قصرت ويغفر لي ما أذنبت ويتقبل مني ما وقفت فيه.

محمد نجيب

معاينة فيديو