على السفود
كتاب النقد الذي أشعل معركة الأدب بين مصطفى صادق الرافعي وعباس محمود العقاد.
كتب الرافعي مقالاته كأنها نارٌ على (السفود) فعلًا، يهاجم فيها العقاد بحدةٍ وسخريةٍ لا تعرف المجاملة، ويردّ عن نفسه تهمة الانتحال في كتابه (إعجاز القرآن). لكن وراء الهجاء والخصومة، يلمع قلم الرافعي في نقدٍ أدبيٍ حادٍّ، وتحليلٍ لغويٍّ دقيق، يكشف عن موهبة ناقدٍ يعرف موضع الكلمة من القلب والعقل.
لم يكن «على السفود» مجرد خصومة شخصية، بل صدى لزمنٍ امتلأ بالجدل والمعارك الفكرية التي أنعشت الأدب، فبقي هذا الكتاب شاهدًا على عصرٍ كان فيه الحرف سلاحًا، والكلمة ميدانًا.
يقول الرافعي في مقدمة الكتاب:
وأما بعدُ … فإنا نكشف في هذه المقالات عن غرور مُلفَّف، ودعوى مغطاة، وننتقد فيها الكاتب الشاعر الفيلسوف!!! (عباس محمود العقاد) … وما إياه أردنا، ولا بخاصته نعبأ به، ولكن لمن حوله نكشفه، ولفائدة هؤلاء عرضنا له. والرجل في الأدب كورقة البنك المزورة، هي في ذات نفسها ورقة كالورق، ولكن من ينخدع فيها لا يغرم قيمتها، بل قيمة الرقم الذي عليها، وهذا من شؤمها، ومن هذا الشؤم حق البيان على مَن يعرفها.
وقد يكون العقاد أستاذًا عظيمًا، ونابغة عبقريًّا، وجبار ذهن كما يصفون، ولكنا نحن لا نعرف فيه شيئًا من هذا، وما قلنا في الرجل إلا ما يقول فيه كلامه، وإنما ترجمنا حُكم هذا الكلام، ونقلناه من لغة الأغلاط والسرقات والحماقات إلى لغة النقد، وبيناه كما هو، لم نبعد ولم نتعسف، ولم نتمحَّل في شيء مما بنينا عليه النقد، ولكل قول أو عمل حكمٌ على قائله أو فاعله يجيء على قدره عاليًا ونازلًا وما بينهما.
والعقاد، وإن زور شأنه، وادعى، وتكذب، واغتر، ومشى أمره في ضعفاء الناس بالتنطع والتلفيق والإيهام، فإن حقيقته صريحة لا تُزوَّر، وغلطاته ظاهرة لن تُدَّعى، وسرقاته مكشوفة لن تلفق، وما زدنا على أن قلنا هذا هذا، فإن يغضب الأسود على من يصف سوادَه فليغضب قبل ذلك على وجهه.